الارشاد النفسى للموهوبين 000000
الارشاد النفسي للموهوبين...
إن رعاية الموهوبين والمتفوقين لا تقتصر على مجرد إعداد البرامج التربوية أو التعليمية التي تعنى بتنمية استعداداتهم العقلية ومواهبهم الخاصة فحسب, وإنما يجب أن تكون هذه الرعاية رعاية شاملة من النواحي العقلية المعرفية, والجسمية, والمزاجية الانفعالية, والاجتماعية, وبما يحقق لشخصياتهم النمو المتكامل المتوازن.
إن رعاية الموهوبين والمتفوقين لا تقتصر على مجرد إعداد البرامج التربوية أو التعليمية التي تعنى بتنمية استعداداتهم العقلية ومواهبهم الخاصة فحسب, وإنما يجب أن تكون هذه الرعاية رعاية شاملة من النواحي العقلية المعرفية, والجسمية, والمزاجية الانفعالية, والاجتماعية, وبما يحقق لشخصياتهم النمو المتكامل المتوازن.
ويخطئ البعض عندما يعتقد أن الموهوبين والمتفوقين ليسوا في حاجة إلى خدمات توجيهية وإرشادية نظراً لكونهم أذكياء أو مبدعين, أو قادرين على التعلم والنجاح بمفردهم, وعلى حل ما يعترضهم من مشكلات بأنفسهم ودون مساعدة من أحد. فقد كشفت نتائج العديد من الدراسات أن نسبة غير ضئيلة منهم يعانون من مشكلات مختلفة, ويواجهون بعض المعوقات في بيئاتهم الأسرية والمدرسية والمجتمعية,وأن هذه المشكلات والمعوقات لا تعرّض استعداداتهم الفائقة للذبول والتدهور فقط, وإنما تهدد أمنهم النفسي أيضا, وتولّد داخلهم الصراع والتوتر, كما تفقدهم الحماس والشعور بالثقة, وقد تنحرف باستعداداتهم ومقدراتهم المتميزة عن الطريق المنشود لتأخذ مساراً عكسياً له مضاره عليهم وعلى مجتمعاتهم على حد سواء.
وعادة ما يشعر الموهوبون والمتفوقون بالملل والضجر والإحباط من المناهج الدراسية المصممة غالباً للطلاب المتوسطين, ومن ثم لا تستثير اهتماماتهم المتنوعة كموهوبين, ولا تشبع احتياجاتهم للمعرفة الواسعة والعميقة, كما ينفرون من المهام الروتينية التي لا تتحدى استعداداتهم العالية, مما قد يؤدي بهم إلى التراخي والتكاسل, وعدم التحمس للدراسة, وربما الاستغراق في أحلام اليقظة والأفكار الخيالية بدلا من تكريس طاقاتهم في أعمال حقيقية منتجة, وقد يهربون من المدرسة ويكونون عرضة لارتكاب أشكال السلوك الجانح والمضاد للمجتمع, وارتكاب أعمال خطرة غير مقبولة اجتماعيا يرون فيها تحقيقا لذواتهم.
ونظرا لأنهم متفردون, ومؤكدون لذواتهم, يبحثون عن الجديد باستمرار, ويطرحون أفكار واستجابات أصيلة, وحلولا غير مألوفة للمشكلات غالبا ما تبدو غريبة وغير منطقية, أو سخيفة أو مزعجة بالنسبة للآخرين المحيطين بهم, فإن ما يلاقونه بسبب ذلك من رفض اجتماعي بل وسخرية وتهكم أحيانا يعرضهم للمعاناة النفسية, ويؤدي إلى اضطراب مفهومهم عن ذواتهم, ويجعلهم نهبا لمشاعر الحيرة والتردد, والتوتر والقلق والإحباط, والتشكك في مقدراتهم والخوف من الفشل.
ونتيجة للاختلاف الملحوظ في أفكار الموهوبين والمتفوقين وقيمهم ومعاييرهم الخاصة, واهتماماتهم, عن أقرانهم العاديين والمحيطين بهم, وما يمارسه عليهم الآباء والمعلمين من ضغوط لفرض الطاعة والامتثال للضوابط والمعايير, فإنهم يواجهون صعوبات بالغة في توافقهم مع الآخرين؛ كالشعور بالعزلة والوحدة والانطواء, وفي تنمية مفهوم موجب عن ذواتهم. كما يكونون عرضة للصراع النفسي بين أن يعبروا عن أفكارهم الإبداعية الفريدة, ويمارسوا اهتماماتهم المتنوعة بحرية وانطلاق, أو يكبتوا هذه الأفكار ويضحون باستعداداتهم ومواهبهم من أجل مسايرة الآخرين والحصول على رضاهم, وهو ما يبدد طاقاتهم النفسية ويؤدي إلى الانسحاب والاغتراب, والاكتئاب والتفكير الانتحاري.
وقد تبين أن الموهوبين والمتفوقين قد يعانون من مشكلات مختلفة في البيئة الأسرية من بينها الأساليب الوالدية غير السوية في التنشئة؛ كالتسلط والتشدد والإهمال, ومن الاتجاهات الأسرية المتحيزة نحو بعض مظاهر الموهبة والتفوق دون غيرها, ومن ضغوط الأهل في اختيار مجال الدراسة والتخصص, علاوة على إغفال الأسرة للاحتياجات النفسية للطفل, وافتقار البيئة المنزلية للأدوات والمصادر والوسائل اللازمة لتنمية استعدادات الطفل ومواهبه.
أما في البيئة المدرسية فهم يعلنون من عدم ملاءمة المناهج المدرسية والأساليب التعليمية, ومن قصور فهم المعلمين لاحتياجاتهم, ومن استخدام منبئات وأحكام غير كافية للكشف عن موهبتهم وتفوقهم.