معلم مدرسة المستقبل:
مما لا شك فيه أن معلم "مدرسة المستقبل" يحتاج إلى آلية جديدة في الإعداد تختلف عن الآلية الموجودة الآن ، ذلك لمواجهة التغيرات المستقبلية المتوقعة والمحتملة في المنظور العالمي والمجتمعي والمعرفي والتكنولوجي ، فكل هذه الأبعاد من المؤكد سيصيبها التعديل والتطوير والتحديث وسوف تختلف بشكل أو بآخر عما هو قائم الآن ، ومن ثم فإن هذه التغيرات سوف تحدد دور وطبيعة معلم المستقبل في العملية التعليمية ، وعليه فإن هناك مجموعة من الأُطر التي يمكن أن تتم في ضوءها عمليات إعداد معلم "مدرسة المستقبل" ، مع ملاحظة أن هذه الأُطر ليست قوالب جامدة بل من الممكن تعديلها لمواجهة أي تغيير في أهداف وطبيعة "مدرسة المستقبل" وهـي:
- قبل عملية الإعداد لا بد من معايير علمية وتربوية وصحية وثقافية ملائمة لاختيار الطالب المعلم قبل التحاقه بمؤسسات الإعداد .
- إعداد معلم المستقبل بشكل يكون قادراً على إدارة أكثر من وسيلة للتعلم الفعال للتلاميذ ، كالتعلم التعاوني ، والتعلم الذاتي ، والتعلم الاستكشافي والابتكاري وغيره من أنواع التعلم التي تسود تعليم المستقبل.
- إعداد معلم المستقبل في ظل مفهوم التعليم المستمر والتطوير المهني لمواجهة التغيرات المستقبلية سواء المجتمعية أو التكنولوجية ، إن معلم المستقبل في حاجة ماسة لوجود نظام للتطوير المهني المستمر ، بحيث يكون هذا النظام مرتبط بنظام "مدرسة المستقبل" ، أو هو جزء منه .
- إعداد معلم المستقبل لا بد وأن يتم في ضوء فلسفة تمهين التعليم ، الأمر الذي سيترتب عليه تغيير النظرة إلى المعلم وإلى عملية التعليم برمتها .
- أن يشتمل إعداد معلم المستقبل إلى جانب إعداده التخصصي ، إعداده تقنياً يكون من خلاله قادراً على الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية وتقنيات التعلم والتعليم خاصة في ظل سيادة هذه التكنولوجيا العصر الذي نعيشه الآن ، وبطبيعة الحال سيادتها بشكل أكبر في المستقبل المنظور .
- أن يتيح إعداد معلم المستقبل قدراته على فهم جيد لطبيعة تلميذ "مدرسة المستقبل" ، وفهم أوسع لطبيعة المجتمع ، ومعرفة واضحة بالمتغيرات العالمية الجارية .
- أن يتضمن منهج إعداد معلم المستقبل الموضوعات الجديدة والعلوم المستقبلية التي من المحتمل أن تسود مناهج "مدرسة المستقبل" ، حتى لا يفاجأ المعلم بموضوعات ومقررات هو لا يعرف عنها شيئاً .
- ضرورة الاهتمام بالوضع المادي والمعنوي لمعلم المستقبل ، لأن هذا الوضع لا ينفصل عن دوره التربوي والتعليمي ، حيث أن تحسين حياة المعلم المادية والمعنوية تساهم في نحاج العملية التربوية والتعليمية بشكل كبير (منتدى الفكر العربي،ص 114- 116).
- ودور المعلمين في ظل استخدام التقنية التعليمية - بما في ذلك الفصول الذكية، والمناهج الإلكترونية - سيكون أكبر وأكثر فاعلية وفي هذا الصدد، تؤكد د. ريل – احد الباحثات المختصات فى المجال التربوى أن التقنية سوف تزيد، ولن تقلل من الحاجة إلى معلمين جيدين وأساليب تدريسية بارعة. وتضيف قائلة : إننا بحاجة إلى زيادة استثماراتنا في الموارد البشرية وفي التنمية المهنية للتربويين، لا في المناهج التقنية، مثل "التعلم في الوقت المناسب" بوصفه مفهوماً مفيداً لأهداف محددة.
كما يجب النظر في مدرسة المستقبل إلى برامج الحاسوب والإنترنت على أنها وسائل معينة على التعلم الذاتي، ولا يمكن الاستغناء معها عن المعلمين؛ بل إن النظرة العلمية تجعل المستقبل مشرقاً أمام المعلمين الجيدين، يقول جيتس (رئيس ومؤسس شركة ميكروسوفت): "إن مستقبل التدريس – وخلافاً لبعض المهن - يبدو مشرقاً للغاية. فمع تحسين الابتكارات الحديثة، المطرد لمستويات المعيشة، كانت هناك –دائماً- زيادة في نسبة القوة العاملة المخصصة للتدريس، وسوف يزدهر المربون الذي يضفون الحيوية والإبداع إلى فصول الدراسة، وسيصادف النجاح أيضاً المدرسين الذين يقيمون علاقات قوية مع الأطفال، بالنظر إلى أن الأطفال يحبون الفصول التي يدرس بها بالغون يعرفون أنهم يهتمون بهم اهتماماً حقيقياً، ولقد عرفنا جميعاً مدرسين تركوا تأثيراً مختلفاً... إلخ"(الندوة الإقليمية،2003).
وفي مدرسة المستقبل يعطى المعلمون صلاحية اتخاذ القرار فيما يتعلق بعملهم التدريسي داخل الفصل وفيما يتعلق بأنشطة نموهم المهني، وذلك جزء من عملية تمهين التعليم (Teaching professionalization) التي تحتم أن يتمتع المعلم بقدر كبير من الحرية في اتخاذ القرارات التي تتعلق بممارساته المهنية ونموه المهني.
كما أنه لن يكون المعلم هو مصدر المعلومات الوحيد، بل سيكون الاعتماد على مصادر أخرى في مقدمتها المصادر الإلكترونية. ولن تكون المعلومة غاية في ذاتها، ولن يكون الهدف فقط هو الوصول إليها، بل سيركز التعليم على نقد المعلومة وتقويمها والمساهمة الإيجابية في بناء العولمة المعلوماتي.
وفي مدرسة المستقبل لن يكون المعلمون عبارة عن أفراد يؤدون عملا محددا، ولا علاقة لبعضهم ببعض فالتحول الذي ننشده في مدرسة المستقبل يأخذ بعدين: بعد التقارب، وبعد التكامل. فبدلا من عمل المعلم لوحده منعزلا عن بقية زملائه، يجب أن تأخذ المدرسة الحديثة منحى يسعى لتقريب المعلمين وربطهم ببعض بعلائق أخوية تعاونية تساعد على الاستثمار الأمثل لجهودهم داخل المدرسة. فالأخوية والعمل التشاركي بين المعلمين يجب أن يكون سمة للعمل المدرسي المستقبلي( Joyce,1993).وانظر (Glickman,1993)