سحر
نقاط : 1728
تاريخ التسجيل : 30/06/2009
 |  موضوع: القانون الدولى الانسانى ودوره فى التعليم الاساسى  الجمعة يوليو 10, 2009 1:09 am | |
| تُعد المعاناة الناجمة عن النزاعات المسلحة تجربة من أقسى التجارب التاريخية المشتركة في المجتمع الإنساني. و يعتقد كثيرون أن القرن العشرين قد شهد ارتفاعا في عدد النزاعات المسلحة على امتداد العالم, كما شهد في الوقت نفسه تغيرا ملحوظا في طبيعة هذه النزاعات. و بمزيد من التخصيص, شهد النصف الثاني من القرن العشرين تفشيا للنزاعات الداخلية ارتبط في غالب الأحيان بقيام أو تدعيم أو انهيار دول وطنية. و إذ أخذت المناطق الحضرية و السكنية تتحول على نحو متزايد إلى ساحات للقتال في النزاعات الداخلية والحروب الأهلية, فقد ارتفعت أعداد الضحايا المدنيين بصورة مشهودة. كذلك أصبح الأطفال و الشباب يتعرضون لعنف النزاع المسلح و يعانون من آثاره أكثر من أي وقت مضي, لا بوصفهم ضحايا فحسب, بل بوصفهم معتدين أيضاً كما يشهد على ذلك تجنيد الأطفال و استغلالهم كمقاتلين في عديد من النزاعات المسلحة التي يشهدها العالم اليوم.
لقد خيب العقد الأخير من القرن العشرين ما أثارته نهاية الحرب الباردة من آمال كبار, تجلت في الالتزام الدولي بإتاحة التعليم للجميع على نحو ما أعلنته الحكومات و المنظمات العاملة في مجال المساعدات في المؤتمر الدولية للتعليم للجميع الذي عقد عام 1990 ( في جومتيان, تايلاند)( ). فلم يشهد ذلك العقد أي إعادة توجيه للموارد تنأى بها عن صناعة الدمار و تتجه بها نحو إشباع الاحتياجات الإنسانية و منها التعليم الأساسي. و هكذا فإن نهاية الحرب الباردة, بدلا من أن تحقق وعد التمتع بـ "أرباح السلام" على الصعيد الدولي, أفضت إلى استمرار – إن لم نقل تفاقم – الاتجاه نحو المزيد من القلاقل السياسية و العنف و النزاعات المسلحة.
حماية الحق في التعليم أثناء النزاعات المسلحة
لا غرابة إذن أن نجد النزاعات المسلحة و قد أصبحت, على امتداد العقد الماضي, إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون تحقيق أهداف التعليم للجميع التي حددها المجتمع الدولي في جومتيان, تايلاند, عام 1990. و حتى في ذلك الحين, كان عدد غير قليل من البلدان التي شهدت انخفاضا في معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي أثناء الثمانينيات بلداناً تعاني ويلات النزاع المسلح (Berstecher & Carr-Hill, 1990) ( ). وبينما لم َترِد في الإعلان و إطار العمل الصادرين عن مؤتمر جومتيان سوي إشارة محدودة إلى قضية التعليم في ظروف الطوارئ, فإن هذه القضية أخذت تفرض نفسها بصورة مطردة كقضية رئيسية طوال العقد الماضي. فعلي الرغم من أن توفير التعليم أثناء الطوارئ, كان يُنظر إليه تقليديا كشيء يأتي في مرتبة تالية لاحتياجات مثل المأوي و الغذاء و الرعاية الصحية, فقد أصبح يُنظر إليه الآن على نحو متزايد كعنصرٍ ضروريٍّ من عناصر الإغاثة المبكرِة في حالات الطوارئ (Retamal and Aedo-Richmond, 1998. Pigozzi,1997). وعلي هذا النحو, أخذ التسليم بأهمية توفير تعليمٍ مستمرٍ في أوضاع النزاع المسلح يكتسب تأييداً مطردا. وقد تجلي ذلك في قيام "الاجتماع المشترك بين الوكـالات لإجراء استعرض منتصف العقد للإنجازات الدولية نحو تحقيق هدف التعليم للجميع" (عمان, 1996) بتخصيص إحدى جلسات مائدته المستديرة لمناقشة موضوع "التعليم في ظروف الطوارئ" و تحديده "للعنف المتصاعد الناجم عن التوترات الإثنية المتزايدة و غيرها من مصادر النزاع" بوصفه يمثل "تحديا بارزا للتعليم( ).
| |
|
