موضوع: صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب الأربعاء أغسطس 19, 2009 5:53 am
« صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب » : ولقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسباب مغفرة الذنوب، وذكر منها صيام رمضان، قال : « من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه » ومعنى ذلك أن الصائم الذي يحمله على صيامه الإيمانُ بالله -سبحانه وتعالى- والتصديق بأنه هو ربه، وأنه هو الذي أمر بهذه العبادة، وأنه هو الذي فرضها على المستطيعين وعلى المكلفين، وصدّق أيضا بأنه ركن من أركان الإسلام، لا يتمُّ الإسلامُ إلا به، وحمله على ذلك أيضا أن يحتسب الأجر من الله سبحانه، ولا يكون الحاملُ له التمدح لا مجاراة الناس، ولا أمرٌ دنيوي، وإنما الذي يحمله على أداء هذه العبادة طلب الأجر من الله سبحانه وتعالى، فمتى كمَّل صيامه، وأتى بما أُمِرَ به، فأمسك عن المفطرات، وصام أيضا عن المحرمات، فصامتْ عيناه عن النظر عما حرم الله من العورات والصور الفاتنة وما أشبهها، وصامت أذناه عن سماع الغناء واللهو والطرب، واللعب وما أشبه ذلك، وعن سماع السخرية والاستهزاء، والتنقص بأبناء الإسلام وبأهله، وعن سماع الغيبة ونحوها، وصام لسانه عن الكلام السيئ، عن الغيبة والنميمة، والكلام المحرم، وما أشبه ذلك، وصامت بقية جوارحه عن أنواع الإجرام، فإنَّ ذلك سيكون من أسباب مغفرة الذنوب. فمن لم يكمل صيامه، أو لم يحفظه ولم يتأثر به، فإنه لا يزيده من الله تعالى إلا بُعْدا، ولا يكون له حظّ من هده المغفرة المرتبة على هذا الصيام فالصيام مِنْ أقوى أسباب المغفرة، وقد ذكر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقية أسباب المغفرة، كصيامه إيمانا واحتسابا، وقيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، وكذلك كثرة الصدقات والنفقات في الخير، وكثرة ذكر الله ودعائه، كلُّ ذلك من الأسباب التي جعلها الله تعالى سببا لمغفرة الذنوب وعتق الرقاب، فمن أتته هذه الأسباب ولم يحظَ بالمغفرة فإنه من الذين حُرِموا فضل الله تعالى في هذا الموسم العظيم. فتعرضوا -عباد الله- لنفحات الله، فإن لله تعالى من دهره نفحات، نفحات غفران، ونفحات رحمة، ونفحات عطاء ورزق، ونفحات توسعة وفضل، فتوبوا إلى ربكم - سبحانه وتعالى- من الخطايا والسيئات لتحظوا بجزيل الأجر وعظيم ثوابه.
« التّقرب بالعبادات إلى اللَّـهِ » :
وإنَّ من جملة العبادات ما يتقرب به العباد في هذا الشهر الكريم شهر رمضان فإنهم يتقربون بأنواع من العبادات، فيتقربون بصيامه الذي هو فريضة من فرائض الإسلام، ويتقربون بقيام لياليه ويرجون بذلك مغفرة الذنوب والآثام، ويتقربون بكثرة الصدقات والنفقات في سبيل الله تعالى، يرجون بذلك جزيل فضل ربهم سبحانه وإكرامه، ويتقربون بتلاوة القرآن، ويتدبرونه ويتعقلون ما فيه من الفوائد والأحكام؛ وبذلك يكونون من أهل الإيمان والإسلام. إنَّ من جملة العبادات في شهر رمضان قيام لياليه، فإنها قُربة وعبادة، بيَّن نبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم- فضل قيامه، وحث عليه، وفعل ذلك، ورغب فيه، فقال-صلى الله عليه وسلم- : « من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه » وقال- صلى الله عليه وسلم - : « إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننتُ لكم قيامه » وكذلك رُوي عنه -صلى الله عليه وسلم – : « إن الله جعل صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا » فأخبر أن قيام هذه الليالي نافلة وتطوع، ولكنه من أسباب مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا، وكفى بذلك ثوابًا كبيرًا وأجرًا عظيمًا، ولكن مغفرة الذنوب في هذا الشهر اشترط لها ثلاثة شروط في هذا العمل : شرط القيام، وشرط الإيمان، وشرط الاحتساب، فمن كمَّل هذه الشروط رُجي مع حُسن النية مغفرة الذنوب، فلا بد من إكمال قيام هذه الليالي، والإكثار من الأعمال التي تطلب في هذا القيام، وكذلك لا بد أن يكون القائم مصدقا بأن هذا التهجد عبادة، وقربة وطاعة، وأن ربنا سبحانه رتب عليه المغفرة، وأنه أحبَّ من عباده أن يقوموا هذه الليالي ويقنتوا فيها، ولا بد أن يكون راجيا لفضل الله معترفا بنقصه وخطاياه، معتمدًا على الله أنه هو الذي يغفر الذنوب ويقبل الأعمال، ويضاعف الأجور، فمتى كان كذلك رُجي أن تُغفر له ذنوبه، وقد قيل: إن المغفرة للخطايا الصغيرة، أما الكبيرة فإنها تحتاج إلى توبة، فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم – قال : « الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر » . فهذه الأعمال مكفرات لما بينهن، ولكن هذا الشرط الذي هو اجتناب كبائر الذنوب.
« القيام والصّيام من أسباب المغفرة » :
ومن أسباب المغفرة في هذا الشهر صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، وكذلك باقي الأعمال الخيرية كإخراج الصدقات والنفقات في سبيل الله، والذكر والدعاء والأعمال الصالحة، وتجنب الآثام، والابتعاد عن الإجرام، فذلك كله من الأسباب التي يغفر الله تعالى بها الذنوب، ويقبل بها الأعمال الصالحات.
لا شك أن من جملة هذه الأعمال صلاة الليل، صلاة الليالي الشريفة، ليالي رمضان ليال شريفة، ليال فاضلة، قد أخبر الله تعالى بأنه أنزل فيها القرآن، وفيها ليلة القدر، وأنها خير من ألف شهر، ومن حكمة الله تعالى أن أخفى هذه الليلة حتى يجتهد المسلمون ويقوموا ما تيسر لهم من هذه الليالي، ويقتدوا بنبيهم -صلى الله عليه وسلم - ويعملوا بما يقدرون عليه من صفات أهل الإيمان الذين يحبون الله ويحبون الأعمال الصالحة التي يحبها الله، والتي يثيب عليها جزيل الثواب، وقد مدح الله تعالى الذين يصلون بالليل ويتهجدون، فوصفهم بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [ سورة الفرقان، الآية : 64 ] أي يقطعون ليلهم أي أكثره ما بين سجود وقيام، وخص هذين الركنين؛ لأنهما أكثر وأفضل أركان الصلاة، ولا شك أن معهما أيضا بقية الأركان من أذكار وأدعية وخشوع وقراءة، مع الإنابة إلى الله تعالى، والطمأنينة في هذه العبادة، وهكذا ذكر الله تعالى عن عباده أهل الثواب وأهل الجنة بأنهم ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ سورة السجدة : 16 ـ 17 ] هكذا أخبر تعالى بأن من أعمالهم أنهم لا يطمئنون للفُرُش، وأنهم لا ينامون إلا قليلا، وما ذاك إلا لأنهم يرجون ثواب الله تعالى وذكر قيامهم وصلاتهم في الليل. وكذلك وَصَفَ المتقين الذين هم أهل الجنة بقوله تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ *وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [ سورة الذاريات : 17 ـ 18 ] فالهجوع هو النوم، أي قليل نومهم بالليل، فقاموا ليلهم يصلون ويتهجدون، ثم في آخر الليل يجلسون يستغفرون، كأنهم مذنبون، هكذا تكون حال الصالحين، يعملون الأعمال الكثيرة ومع ذلك يعتبرون بأنهم مُقلون وبأنهم مذنبون، فيستغفرون ربهم بعد كل عمل، وهكذا حال الخائفين، ومتى كان العبد كذلك فإن الله تعالى يقبل منه، ويضاعف أجره، وهكذا أهل الفضل، مع عملهم يخشون ألا يُتقبل منهم. ويقول الله تعالى: ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [ سورة الزمر، الآية : 9 ] وهذا قائم في ساعات الليل، ليس في ساعة واحدة، وكأنه وصف هذا القائم بأنه يقوم ساعة ثم يستريح أخرى، ثم يقوم ثم يستريح، فمن صلاة إلى راحة وهكذا ساجدًا وقائمًا، يتنقل في صلاته بين السجود والقيام والركوع والقعود، وما في الصلاة من بقية الأركان والعبادات. ولقد أمر اللهُ تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالقيام في قول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ *قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا *أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [ سورة المزمل : 1 ـ 4 ] فهكذا وجَّه الله تعالى هذا الأمر إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليمتثلَ أمر ربه، وقد امتثل وطبّق ما أمره به، فكان -صلى الله عليه وسلم- يقوم أكثر الليل، ولا ينامُ إلا قليلا يتقرب إلى ربه بصلاته وبعبادته في الليل طوال زمن النبوة، أي بعد ما أُوحي إليه؛ وذلك لأن هذه السورة نزلت عليه أول ما أوحي إليه، أمره الله بأن يقوم الليل إلا قليلا، نصفه أو ينقص منه أو يزيد على النصف، فامتثل ذلك، كما ذكر ذلك الذين رووا صلاته -صلى الله عليه وسلم- وقد رغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنس قيام الليل، فثبتَ عنه أنه قال : « أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل » ولما ذَكَرَ فضائل الأعمال ذكر منها قيام الرجل في جوف الليل، وقرأ الآية التي في سورة السجدة :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [ سورة السجدة، الآية : 16 ] أي أنَّ هذا من أفضل الأعمال.
mr Happy
نقاط : 2703 تاريخ التسجيل : 26/03/2009
موضوع: رد: صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب الخميس أغسطس 27, 2009 11:34 pm
Why not
نقاط : 1824 تاريخ التسجيل : 08/06/2009
موضوع: رد: صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب السبت سبتمبر 05, 2009 3:30 am