اثر الغش في الامتحانات على المجتمع
جريمة الغش في الامتحانات والتغاضي عنها اكبر خديعة ترتكب بحق المجتمع بل هي مؤمراة وخيانة كبيرة للمجتمع ، فالغشاش يمكن ان يتخرج من كلية الطب ليكون طبيباً لا يعرف معنى الامانة الطبية او من كلية القانون ليكون قاضيا مرتشياً غير عادل او محاميا متآمرا على العدالة او سفيرا او رجل دولة انتهازي او صيدلي يمارس بيع الادوية المغشوشة او استاذا يبيع الاسئلة .. فلا يتوقع ممن كان وصوله عن طريق الغش ان يكون مستقيماً وفاضلاً، ذلك ان الفضيلة تعني استعداداً دائماً ومستمراً للنفس البشرية لفعل الخير ورد الشر ونبذ الغش والفساد ، فالفضيلة تحمل طابع الدوام والثبات والتعود ، اما اذا اتخذ السلوك الفاضل صفة التقطع فلا يعد فضيلة ، لان التقطع يرتبط بالانتهازية والتحيز والفساد ، وعلى هذا النحو فان الانسان اما ان يكون فاضلاً على طول الخط او لا يكون . ومن يرتكب جريمة الغش في الامتحانات لا يتوقع ان يكون فاضلاً.
ذلك ان الغشاش انما يزيح من هو اكفأ منه ومن بذل اكبر الجهد وسهر الليالي ، ليحل محله دون وجه حق.
وهكذا ينزل الموهوب والذكي والمثابر والمجتهد الى ادنى سلم الترتيب كلما طفا على السطح من كان مستعداً للغش . وعلى هذا الحال من الظلم الاجتماعي المقيت لا يتصور احد بعد ذلك انه من الممكن ان ينهض المجتمع وينال سبل الرقي والتقدم.
وفي ضوء ما تقدم ينبغي ان تكون مسألة الرقابة على الطلبة اثناء الامتحانات من الإجراءات الجوهرية التي يجب ان تؤدى بكل امانة ومن دون أي تسامح ، فالطالب الذي يغش او يحاول ان يغش يجب ان يطرد فوراً من قاعة الامتحان ويحال الى مجلس تحقيقي توجه اليه العقوبة المناسبة وفي حالة التكرار ينبغي فصله من المدرسة او الكلية مع مراعاة الفئات العمرية الدنيا من الطلبة ( الابتدائية ) وذلك باتخاذ اجراءات تأديبية وتربوية مناسبة بشأنهم.
اما بعد ، فان الذي يغش مجتمعه ، طالب يغش واستاذ يتغاضى ، فانه ليس منه ، لان الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول ( من غشنا ليس منا ) ، وهذه شهادة كريمة تغني عن اية شهادة اخرى.