هل تريد ان تربي طفلا منظما ؟ اذن ادخل هنا
بسم الله الرحمن الرحيم
للأبوين دور حيوي هام في تعويد أبناءهما على التفكير المنظم و القدرة على التخطيط،
وبهذه المهارة نستطيع أن نُعدّ أبناءنا للتعامل مع عصر التخطيط والنظام، فالعشوائية
في التفكير والسلوك كانت وما تزال آفة الكثيرين منا، وهي السبب في ضياع فرص تقدُمنا
ونجاحنا أفرادًا ومجتمعات.
وفي الحقيقة يبدأ تعليم الطفل النظام منذ سنواته الأولى؛ ففي البداية يقوم الطفل
بالتوافق مع نظام الغذاء والخضوع لنظام الوجبات، وكذلك موعد الذهاب إلى النوم في
ساعة محددة، وكل هذه الأمور تحقق له سمة الدقة والتنظيم في حياته؛ فيعرف أن للأمور
حدودًا وقيودًا لا يمكن أن يتجاوزها؛ فالأكل والنوم واللعب وغيرها ليست مجالات
مفتوحة أمامه كما يريد، بل يوجَّه إلى أن يأخذ منها كفايته دون تجاوز؛ وذلك حفاظًا
على صحته وصحة الآخرين، وراحته وراحة الآخرين.
خطوات التدريب على التنظيم :
-1الحب المتبادل والاحترام أساس تعليم النظام:
فالطفل يطيع عندما يحب، ويعصي عندما يكره، وهكذا فإن النظام مرتبط إلى حد بعيد
بالطاعة والمحبة، وهذا ما يظهر لدى كثير من الأطفال؛ حين يهتمون بمادة دراسية أكثر
من أخرى، وما ذاك إلا بسبب حبهم للمدرس أو للمدرسة، وبالتالي هم يطمحون بنيل رضاهم،
وقد قيل: "إن المحب لمن يحب مطيع".
إذن من المهم إرشاد الطفل إلى النظام؛ في أي مرحلة عمرية بطريق الرفق والحنان، وقد
حثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الرفق في أحاديث كثيرة منها: "إن الله رفيق يحب
الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" رواه ابن حبان. وقوله عليه السلام:
"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم
2- يجب ألا يفوق قدرات الطفل:
وهذا لكي يكون النظام واقعيًا ومقبولاً، وكما نعلم فلكل طفل قدراته المختلفة عن
الآخر؛ فلا تصح المقارنة بينهم، فلكلٍ ميوله وإدراكه وإمكاناته؛ لأنك إذا كلفت طفلك
باتباع نظام قاسٍ فسيعمد إلى الفوضى المريحة؛ لذلك يجب أن تكون الأوامر مناسبة
لإمكانات الطفل، قال تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (سورة
البقرة،الآية:286).
ولننتبه إلى الأوامر التي نصدرها لأطفالنا؛ هل ما زالت مناسبة للعصر الذي نحن فيه؟
فالزمن يتغير وما كان ممكنًا تطبيقه بالأمس قد يصعب تطبيقه اليوم، وخاصة أننا نعرف
أن المفاهيم والسلوكيات الغربية تغزونا بسهولة، والموضة السائدة هي التفلّت من كل
رباط أو التزام.
3- نبتعد عن زعزعة مفهوم النظام في أذهان أطفالنا:
كما يفعل بعض الأهل؛ فمرة يطلبون تطبيق نظام معين، ويهملون ذلك مرات أخرى، أو أن
تطلب الأم اتباع نظام معين، بينما يخالفها الأب، وهذا الاختلاف بين أوامر الأم
وأوامر الأب؛ يخلق أضرارًا تربوية في نفسية الطفل.
4- القدوة الحسنة:
فهي خير وسيلة لتعويد الطفل على النظام؛ إذ الطفل بطبعه يحب التقليد؛ فإعطاؤه
دروسًا عملية في إطاعة النظام العام، سواء كانت أوامر إلهية أو قوانين اجتماعية
يُوجد فيه حب النظام.
كذلك يمكننا جعل الأخ الأكبر هو القدوة للأصغر؛ بدون ضغط عليه طبعًا، أو تحميله
مسؤوليات فوق طاقته.
5- توزيع المهام عليهم:
فنكلِّف كل واحد بما يستطيع من أعمال المنزل؛ ليتعودوا أن هذا منزلهم، وهم مسؤولون
عن ترتيبه ونظامه، وبالطبع يجب أن يرتبوا غرفهم قبل كل شيء، وهنا يمكننا مساعدتهم
أول مرة بحيث يتعلمون أين يضعون الأشياء، وبعد ذلك يصبح بإمكانهم أن ينجزوا المهمة
بدوننا.
6- نناقشهم في جدواها وصحتها وفائدتها لهم:
ولا نعتبر ذلك من قبيل التحدي لإرادتنا أو المماطلة، بل من الأفضل أن نعودهم على
الطاعة المبصرة وليس الطاعة العمياء، فهذا مما يزيد ثقتهم في أنفسهم مستقبلاً.
وعندما يخالف الطفل هذا النظام لا تكون عمليات القصاص مفيدة؛ إذا لم يتم ربطها
بالتوجيه؛ وربط القصاص بالذنب، على أن تكون العقوبات بمقدار الذنب، لا أن تكون
تعبيرًا عن درجة انفعال الأم أو الأب بسبب أمر ما، فيقومان بإسقاط انفعالاتهما على
رأس الطفل المسكين، وهذا للأسف كثيرًا ما يحدث عندما يطلب من الطفل تنفيذ الأمر دون
أن يناقش كالمبدأ العسكري "نفِّذ ولا تعترض".
وقد يكون السبب أننا عوملنا بدكتاتورية في أسرنا، أو بسبب البيئة التي نشأنا في
ظلِّها؛ فلا مجال للأخذ والرد مع الطفل، وإذا رفض تنفيذ الأمر فلا نسأله لماذا
يرفض، بل نعاقبه فورًا، وكأننا ننتقم لأنفسنا، وبالتالي يتحول الطفل إلى منفِّذ
للنظام على غير قناعة منه؛ بل لمجرد الإطاعة القسرية وخشية العقاب، وتعتمل النقمة
في داخله، وتظهر فيما بعد بصور سلوكية شتى منها، وأخطرها ازدواج الشخصية.
7- إفهام الأبناء معنى كلمة النظام:
والأفضل استثمار أول فرصة يظهر فيها الطفل قدرًا من التزامه (ولو غير المقصود) بأي
من هذه العادات؛ لنثني عليه ثناء وصفيًا كأن نقول له: "ما شاء الله يا طارق.. ها
أنت قد وضعت حذاءك في مكانه المخصص له؛ وهذا ما يسمى نظامًا، أو ما شاء الله طارق
منظم، وضع الحذاء في مكانه".
وهذه الطريقة لها عدة مزايا؛ منها استثمار كل إيجابي من الطفل بالثناء عليه، وتركيز
تفكيرنا نحن الأهل في الإيجابي مما يسلكه الطفل، إضافة لأنها تعلم الطفل معنى ما
نطلقه نحن من مفاهيم وأوصاف، ولا يفهم معناها حرفيًا.
8- الحوافز:
ويمكن استخدام طرق جداول الحافز، أو نضع قطعة من المكسرات أو أي مأكول يحبه في
صندوق مخصص لذلك لكل التزام للطفل الصغير بالنظام، وهي حركة مرحة يحبها الأطفال،
ويمكنه عد ما حصل عليه آخر كل يوم ليعرف تقدمه في كل يوم عن اليوم السابق له.
وهذه الطريقة تساعد على تثبيت عادة طيبة والحفز الذاتي لها، ويمكننا آخر اليوم
إعطاؤه نوعًا من المكافآت المعنوية كأن نلعب معه لعبة يحبها، أو نزيد في قراءة قصة
إضافية له، أو نخرج في نزهة.. بعد أن نشير إلى أن نظامه كان سببًا في توفير وقت
للعب الإضافي بين الطفل وأبويه.
ويمكن أن نمنحهم قليلاً من الحلوى أو الهدايا البسيطة، ولكن دون إفراط، علينا أن
نساعد المثابر على النظام أن يشعر بالسعادة مما فعل لذاته، وليس للحلوى التي سيحصل
عليها، هذا هو الحفز الذاتي الذي نعطله للأسف الشديد بإغراق أطفالنا بالحوافز
الخارجية، وندع له فرصة الاستمتاع والفخر بتعلمه كيف يكون منظمًا ونظيفًا ومرتبًا،
مستشعرًا فعله الطيب، وعلينا أن نغتنم أول فرصة يظهر الطفل فخرًا وسعادة بإنجازه،
لنشدد على أن الله راضٍ عنه لأنه...
هذه الطريقة تشعر الطفل بأننا عون له، إضافة لأنه يشعر بمسئولية تجاه أشيائه،
وبالتالي فعليه بالتفكير في حفظها، وطلب العون منا إن رغب.
9- الإشارة للأثر الطيب لهذا السلوك:
كأن يذكر الأب: "الحمد لله لقد وجدت مفتاحي دون تعب؛ فقد وجدته في مكانه الذي خصصته
بسهولة..."، وسنجد عشرات المواقف اليومية التي يمكنك استثمارها، ولكن دون أن يشعر
الأبناء بأننا نقصدهم بهذا الحديث.
ويمكننا أيضًا أن نغتنم أثرًا سلبيًا لسلوك الطفل؛ ولكن دون توبيخه ونهره، فمثلاً
لو أن هناك قلمًا يحبه وضاع منه نتيجة عدم وضعه في مكانه الصحيح المخصص له؛ نقول
له: "ضياع قلمك ضايقك كثيرًا؛ ماذا تفعل حتى لا يتكرر هذا مرة أخرى؛ ولا يضيع قلمك
الذي تحبه، اطرح لي أفكارًاَ"؛ ثم ندوّن ما يقوله من أفكار في ورقة ونعلقها أمامه
في حجرته بخط واضح.
10- تحديد أماكن واضحة ثابتة محددة للأشياء:
والتي تخص كل فرد من الأسرة، وجعلها في متناول اليد، كالمشاجب (العلاّقات)