ayda
دعاء : سبحان الله العظيم عدد ما كان وعددماسيكون وعدد الحركات والسكون المهنة : نقاط : 7991 تاريخ التسجيل : 26/03/2009
| موضوع: اثر الاحداث الراهنة علي رسوم الطفل الأحد سبتمبر 27, 2009 5:38 am | |
| أثر الأحداث الراهنة على رسوم الأطفال أثر التغيرات والأحداث الراهنة على رسوم الأطفال
أحمد الله على جزيل نعمائه ، وأشكره شكر المعترف بمنه وآلائه ، وأصلي وأُسلم على صفوة أنبيائه ، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، وعلى آله وصحبه وأوليائه الكرام . أما بعد.. يسرني أنإلقاء الضوء على موضوع من أهم وأخطر مواضيع الساحة العالمية ، وهو موضوع ثقافة الطفل في ظل المتغيرات والأحداث الراهنة ، وتحديداً رسوم الأطفال كوسيلة تربوية لتنمية ثقافة نبذ العنف والإرهاب . : المبحث الأول : توضيح أبرز التغيرات والأحداث الراهنة في عالم اليوم . المبحث الثاني : توضيح مفهوم العنف والإرهاب . المبحث الثالث : توضيح مفهوم ثقافة الطفل ، وتحديداً تعبيرات الأطفال الفنية في الرسم . المبحث الرابع : توضيح أثر التغيرات والأحداث الراهنة على رسوم الأطفال .
المبحث الأول ( أبرز التغيرات والأحداث الراهنة في عالم اليوم ) : إن متطلبات القرن الحادي والعشرين تحتم تهيئة الفرد والمجتمع لحقائق ومفاهيم ، ومتغيرات ، وتفاعلات جديدة ونظرا لأن عالمنا المعاصر اليوم يموج بألوان عديدة ومعقدة من التحديات والصراعات التي تؤثر على جميع جوانب الحياة في العالم أجمع ، سواء العالم المتقدم أو العالم النامي ، وعالمنا العربي والمحلي جزء لا يتجزأ من هذا العالم ، فهو يؤثر ويتأثر لذلك يجب علينا التعرف على أهم المتغيرات العالمية ، وفهم ما يحدث بها من ظواهر وتطورات وما ينتج عنها من قضايا عالمية تهم العالم أجمع ، ودراسة ما ارتبط بها من تغيرات فرعية عديدة أثرت في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة للفرد والمجتمع . الأمر الذي يلقي على التربية بصورة عامة عبء استيعاب هذه التطورات ، وتلك القضايا لمواجهة هذه التحديات ، والمتطلبات المرتبطة بها ، وأبرز هذه المتغيرات العالمية والتحديات المرتبطة بها هي : أولاً : الثورة العلمية المعرفية والتكنولوجية : وهي من أهم المتغيرات ، وتُمثل أُولى تحديات القرن الحادي والعشـرين ، والثورة العلمية المعرفية تعني أن العلم والمعرفة أصبحا من أهم عناصر الإنتـاج ، أما التكنولوجيا فهي في أبسط تعريفاتها أنها التطبيقات العملية للمعرفة العلمية ، والتي تشير الدراسات المستقبلية أنهما سوف يصبحان نشاطان متلازمان في القرن الحادي والعشرين كإحدى ثمار الثورة التكنولوجية ، والتي تعتمد على الاستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة في جميع المجالات ، والذي جعل من التنظيم الدقيق لهذه المعلومات ، وتحديد أفضل الطرق لاستخدامها هو محك التقدم في القرن الحادي والعشرين ، وتعتمد الثورة التكنولوجية أساساً على العقل البشري وقدرته في استخدام الحاسبات الآلية ، وشبكات الاتصال الإلكترونية المحلية والدولية ، وتطويرها ، وعلم تنظيم المعلومات وتخزينها ثم استرجاعها ، وإعادة تنظيمها لتحقيق أكبر فائدة منها . وكلما قامت المجتمعات بإعداد أبنائها تربوياً وتعليمياً ، واهتمت بتنمية قدراتهم العقلية والفكرية سيكون لها السبق في تحقيق معدلات عالية من التقدم لأن هذه المعدلات تعتمد بالدرجة الأولى على متطلبات التنمية البشرية. ثانياً : العولمة أو الكوكبة : وهي من أبرز المتغيرات لهذا العصر ، والعولمة مصطلح جديد ظهر في التسعينيات واستخدم ليشير إلى ظاهرة ارتبطت بظروف نشأت في وجود القطب الواحد ، وفي عالم تشابك أطرافه بالأقمار الصناعية ، والأساليب المتقدمة في وسائل الاتصال والبث الثقافي والإعلامي ، وسطوة الهيئات العالمية وقدرتها على إصدار قرارات نافـذة ، وحرية التجارة ، وظهور التكتلات الاقتصادية العملاقة ، والشركات متعددة الجنسيات . وبناء على ذلك فقد اتجه العالم ليصبح دائرة ثقافية ، واجتماعية ، واقتصادية واحدة ، وهذا له تداعياته التي تتمثل في أن مفاهيم ، ونظم ، وأساليب التعامل في مختلف مجالات الحياة التي سادت من قبل لم تعد تتناسب مع معطيات العصر الحديث وهذا بدوره يوجب أهمية العمل على تحديث مجموعة المفاهيم ، والنظم ، وأساليب العمل ، وآلياته حتى تتاح للمجتمع فرصة مواجهة ما سمى بالكوكبة أو العولمة في ظل ظهور مفاهيم جديدة مثل ( الوفاق ، وفهم الآخر وثقافته ، والسلام العالمي ) وهذه المفاهيم تصاحبها نظم ، وأساليب تعامل جديدة في مختلف مجالات الحياة ، وبين مختلف الدول ، وهذا يتطلب تعديل في سلوكيات الأفراد بحيث يكتسبون سلوكيات جديدة تتناسب مع ما يستجد من تلك المفاهيم ، والنظم ، وأسـاليب التعامل وهنا تبرز دور التربية ، والمنظومة التعليمية باعتبارها المسئولة عن تنشئة الفرد ، وبنائه ، وتكوينه وتذويده بالسلوكيات التي تمكنه من مواجهة التغيرات التي تحدث من حوله ، وما ينتج عنها من توابع في الحاضر ، واحتمالات المستقبل من خلال تنمية تفكيره ، وإكسابه الطريقة المنهجية العلمية في التفكير ، وهذا يتطلب أيضاً تعليم الأفراد كيف يعلمون أنفـسهم ، وإكسابهم القدرة على التعليم الدائم والمستمر ، وتقبل إعادة التدريب والتأهيل عدة مرات في حياتهم العملية ، وتقوية الاستعداد لتعلم مهارات جديدة ومتنوعة ، وهذا يتطلب أولاً وأخيراً تطوير المنظومة التعليمية لتحقيق هذه الموصفات . ثالثاً : تغير الأهمية النسبية لقوى الإنتاج : وهي من المتغيرات الحالية ، وتمثل التحديات الاقتصادية للقرن الحادي والعشرين فقد كشفت الدراسات المستقبلية على الصعيدين السياسي ، والاقتصادي أن التغيرات الحادثة في العالم اليوم ، والتي من المنتظر أن تزداد وتيرتها في المستقبل ، تؤثر في كل مكونات بنية النظام العالمي أو الدولي ، وفي أنماط التفاعلات السائدة فيه ، وأن التحولات التكنولوجية المتسارعة تقود إلى مزيد من العالمية أو الكوكبية Globalization ، وهذا يؤثر على الوزن النسبي لعناصر الإنتاج ، مما يترتب عليه زيادة قيمة وأهمية المعرفة والمعلومات ، مقارنة بالموارد المادية والطبيعية ، وعلى هذا نشأت صناعات هائلة ، وطرحت معايير جديدة للقوة الإنتاجية ، والاقتصادية ، وهذا يعني أيضاً نهاية التميز التقليدي بين العمل اليدوي ، والعمل العقلي ، والإدارة ، والتجارة والعمل والإنتاج ، فالإنسان الفعال سيكون إنساناً متعدد المهارات ، قادراً على التعليم الذاتي والمستمر ، ويتقبل إعادة التدريب والتأهيل عدة مرات في حياته ، بينما المجتمع الفعال هو الذي تستأثر فيه خدمة المعلومات بأكبر نصيب من القوة البشرية ، ويقع على النظام التعليمي ككل المسئولية الأولى في إعداد فرد ومجتمع بهذه المواصفــات ، وهذا يستلزم تطوير فلسفة منظومة التعليم ، وأهدافها فكراً ، وتخطيطاً ، وتنفيذاً ، وتقويماً من أجل تلبية هذه المتطلبات في ظل الشرع والدين ، وبالتالي تحقيق الأهداف التربوية في ضوء تحــــــــــــديات القرن الحادي والعشرين رابعاً : الانفتاح الإعلامي والثقافي والحضاري : وهي من أهم وأبرز المتغيرات ، وتمثل صلب التحديات الاجتماعية ، والثقافية التي يفرضها طبيعة القرن الحادي والعشرين وهذا يعني أن القيم ، والعلاقات الاجتماعية والثقافية ستكون عرضة للتغير ، والتحول ، والتبدل عدة مرات ، ولا تستطيع أي دولة بما تملكه من وسائل الرقابة التقليدية أن تمنع هذا التغيير ، كما لا تستطيع أن تحصن الأفراد ضد استقبال محتويات الرسائل الإعلامية ، والثقافية الوافدة من مجتمعات أخرى وبما أن مجتمعنا مثل بقية المجتمعات الأخرى ، يعيش بين عضوية متفاعلة ، وهو يقوم على علاقات أفراد تحكمهم نظم دينية ، وسياسة ، واقتصادية ، واجتماعية ، وثقافية وغيرها إذن لابد أن نتعرض لتأثيرات ومؤثرات داخلية ، وخارجية . ولما كانت الجهات التعليمية من أهم وسائل التربية التي تعكس فلسفتها ، وتعمل على تحقيق أهدافها ، فلابد أن تراعى المعطيات ، والمدخلات ، والمخرجات التي أفرزها الانفتاح الإعلامي ، والثقافي لاستيعاب إيجابياته ، ومواجهة ســلبياته والتغلب على مشـــــــــــــــكلاته ، وهذا يتطلب مراعــــــاة العالمية في إطار المحلية للحفاظ على الهوية العربية الإســــــــلامية لتحقيق النقلة الحضارية المأمولة . خامساً : القضايا البيئية و الصحية : لعل من أخطر التحديات التي نتوقعها في المستقبل مع دخول الألفية الثالثة هو هذا التدهور السريع في مقومات ، ومكونـات البيئة ، مما يهدد حياة الكائنات الحية على ظهر هذا الكوكب ، وقد ترتيب على ذلك ظهور عدد من المشكلات البيئية التي لا يمكن حصرها مثل ، التلوث والزلازل ، والفيضانات ، والأعاصير ، والبراكين ، وحرائق الغــابات ، والتصحر ، ومشكلة نقص الغذاء ، وزيادة معدلات الزيادة السكانية في ضوء نقص المواد الطبيعية المتاحة ، وهنا لا يكفي أن تعي المجتمعات آثار أفعالها على البيئـة بل عليها أن تقر بالمسئولية عن ظهور مثل هذه المشكلات التي تؤدي إلى ظهور مشكلات صحية ، وما يترتب عليها من ضعف الإنتاجية ، وضعف القدرة على الاستمتاع بالحياة ، فيجب أن تُوفر النظم التعليمية ، والمعلومات التي تعمل على تنمية القدرات والتي تمكن الأفراد من الإسهام في حل المشكلات الخاصة ببيئتهم من خلال الوعي البيئي والصحي بالإضافة إلى تنمية الاتجاهات الإيجابية حولها . سادساً : تطور مفهوم التنمية البشرية : لم يعد مفهوم التنمية البشـــــرية محدداً في مجرد تنمية الموارد البشــــرية ، وقياس كفاءتها من منظور اقتصادي فقط ، ولكن مفهوم التنمية البشــــــــــــــرية الآن أصبح يستهدف تبنى العمل لتحقيق حياة طويلة ومنتجة لكل الأفراد ، ومضمون ذلك أن التنمية البشرية تستهدف القضاء على البطالة بإتاحة فرص العمل المنتج والملائم لجميع الأفراد ، بحيث يحققون رفاهيتهم بجهدهم وليس بالاعتماد على الدولة فقط في إطار خلقي واجتماعي سليم . فالتنمية البشرية بمفهومها المتطور هي مسئولية تربوية بالدرجة الأولى ، من خلال تكوين وبناء القدرات البشرية لاستخدامها في أنشطة إنتاجية تضمن استمرارية التنمية والتوزيع العادل لعائدها ، وتعتمد في ذلك على توسيع قاعدة الاختيارات ، وتصميم المشاركات في أخذ القرارات .
سابعاً : الأمن الوطني : هو أحد تحديات القرن الواحد والعشرين ، والأمن الوطني هو الجهد اليومي المنظم الذي يصدر عن الدولة لتنمية ودعم الأنشطة الرئيسة الاقتصادية ، والاجتماعية والسياسية ، والعسكرية ، ودفع أي تهديد أو تعويق أو أضرار داخلية وخارجية بتلك الأنشطة ، الأمر الذي يكفل للشعب حياة مستقرة ، وتوفير له البيئة الصحية المناسبة لاستثمار أقصى طاقاته للنهوض والتقدم والازدهار، وتبعاً لهذا المنظور فإن الأمن الوطني يعني البرنامج الخاص لحفظ سلامة الدولة ، وصيانة شخصيتها الدولية وحماية مقوماتها الوطنية من كافة أشكال التهديد الداخلي والخارجي .
المبحث الثاني ( العنف والإرهاب ) :
العنف والإرهاب من أهم وأبرز الأحداث الراهنة ، فالإرهاب بكل أنواعه يشكل ظاهرة خطيرة على مسيرة المجتمعات ، لأنه يؤدي إلى خسائر جسيمة من الناحية المادية والبشرية ، وهو يُسهم في فناء فئات كثيرة من الأبرياء ، ممن لا حول لهم ولا قوة ، وهي ظاهرة ليس لها أسباب أو مقتضيات حقيقية ، بل هي مع الأسف وسيلة للتعبير عما تراكم في نفوس بعض الأفراد في ظل حياة اتسمت بواقع مرير من الإحباطات المرتبطة بالنواحي النفــسية والفكرية ، والثقافية فتترك أثرها في تلك النفوس الضعيفة البعيدة عن الإيمان أشكالاً من العنف المصاحب لكل أنواع الإرهاب . إن الإرهاب في كل الأحوال يعد ظاهرة مشينة من السلوكيات الإجرامية ، ونتائجها غير محمودة ، فجميع الأديان السماوية لا تقرها ، وكذلك المجتمعات بكل دساتيرها التي أصبحت وباتت تنادي على الأمن والآمان والسلام . إن السلام يعني في مضمونه ، وجوهره نفي كل من الإرهـاب ، والعنف ، والاعتداء على حقوق الغير في الحياة ، والسلام هو أساس التقدم المنشود والنمو الشامل ، وبالتالي فإنه يعني التوجه نحو الخير والفائدة للفرد وللمجتمع ، ونبذ كل ما يضر الفرد والمجتمع . كما أن الأديان السماوية تدعو إلى السلام ، وتستهدف نشره وتحقيقه ، بما فيه من قيم الحق والعدل والرحمة والجمال والكرم والمروءة والإيثار ، أما الإرهاب والعنف والعدوان إنما يتنافى مع هذا كله ويتناقض ، ولذلك ينبغي أن نتمسك جميعاً بالسلام ونعمل من أجله . إن الفرد والمجتمع كلاً منهما مسئول عن محاربة الإرهاب ، وقطع دابره ، وتجفيف منابعه والعمل على إفشاء الأمن ، ونشر الطمأنينة والسلام ويكون ذلك من خلال : 1. التنوير في أذهان المواطنين ، وتشجيع العقلانية في تفكيرهم ، ونبذ الخرافات من قناعاتهم ، وتشجيع الحوار بينهم عند الاختلاف في الرأي ، وتدريبهم عليه صغاراً ، وتعويدهم عليه كباراً ، ونبذ التعصب الديني ، والتطرف بكافة أشكالهما وصورهما . 2. اختيار وانتقاء مواد البرامج الدراسية ، وموضوعاتها لأطفالنا منذ الصغر مع الاهتمام باستثارتها للتفكير والإبداع ، وبعدها عن الحشو واللغو الذي يسطح فكرة الفرد ، ويعوده تصديق كل ما يسمع والتسليم به دون نقاش أو تمحيص عقلاني . 3. التخطيط الجيد لإعلامنا بوسائله المختلفة ، من كلمة وصوت وصورة . 4. توجيه الآباء والأمهات والمدرسين إلى ضرورة الاهتمام بأساليب التربية والتعليم التي ترتكز على غرس التسامح ، والعقلانية ومحاربة الخرافات ، وتشجيع التفكير العلمي والرؤية الناقدة للأمور ، التي تساعد على تنمية شخصية الأبناء ، مدعومة بالاستقلالية والتفرد ، والحرية في الاختلاف ، مع تحبيذ الحوار مع الآخر ، واحترام حقه في الخلاف ، هذا إلى جانب تدريب النشء ، وتعويدهم على الموضوعية في الأحكام ، والاتزان في الرأي وعلى بناء القيم الإنسانية الخيرية البناءة ، والصدق في القول ، والإخلاص في العمل والولاء لتراب الوطن ، وتحري الكسب الحلال بما أحل الله وارتضاءه الناس ، وحبذه المجتمع
المبحث الثالث ( ثقافة الطفل ) :
الأطفال هم المصدر الحقيقي لثروة المجتمع ، فهم الأداة التي ترتكز عليها عمليات التنمية المتواصلة ، وبذلك يصبح الاهتمام برعاية الطفولة هدفاً من أهم الأهداف التي تسعى إليها كافة المجتمعات ، وتُعتبر الطفولة من أهم المراحل في تكوين شخصية الإنسان وتوجيه سلوكيه ، وتكوين عاداته ، ومعاييره ، واتجاهاته ، وقيمه . ومن هذا المنطلق تعتبر ثقافة الطفل هي الأساس البناء لثقافة إنسان المستقبل وإعداده لأداء دوره في المجتمع ، و بقدر ما تكون هذه الثقافة سليمة وايجابية بقدر ما يكون الفرد في المستقبل ايجابياً وصالحاً ومنتجاً وسوياً . وأساليب ثقافة الطفل ، ووسائطها كثيرة ومتكاملة منها المقروءة ، والمسموعة والمرئية ، ومنها النظرية والعملية . وممارسة النشاط الفني بكل مجالاته يمثل حالياً أهم وسائل التربية الحديثة التي تنادي بتنشئة الطفل تنشئة اجتماعية متكاملة و تسمح له بالتعبير عن ذاته من خلال متعة تسعده ، كما أنها وسيلة للتعرف على ذوي القدرات الخاصة و الموهيين ، كما أنه يسهم في الإفصاح عن مشاعر الطفل وانفعالاته بما حوله من مظاهر البيئة المختلفة التي تشـكل بدورها عنصر من عناصر الثقافة كما أن النشاط الفني يساعد الطفل على الإنتاج من جهة ، والتفكير والابتكار من جهة أخرى ، وهما مطلبان أساسيان من مطالب التربية لطفل القرن الحادي والعشــــرين . فعندما نقوم بدارسة ثقافة الطفل ينبغي أن نشير إلى أن الثقافة التي نعنيها وهى ثقافة واسعة شمولية ، بمعنى تغذية عقول الأطفال ، وتنمية فكرهم ، وإثراء معارفهم ومداركهم ، وخبراتهم في كل ما يتصل بهم كأفراد إلى جانب ما يتم في إطار ذلك من عمليات تربية وتعليم ، وبما أن للأطفال أنماط سلوكية متميزة ، أذن فهم يحسون ويدركون ، ويتخيلون ، ويفكرون في دائرة ليست مجرد دائرة مصغرة من تلك التي يحس ويدرك ، ويتخيل بها الراشدون ، لذا فإن ثقافة الطفل ليست مجرد تبسيط للثقافة العامة في المجتمع بل هي ذات خصوصية في كل عناصرها ، وغالبا ما تظهر في ثقافة الأطفال الملامح الكبيرة لثقافة المجتمع . مما سبق يتضح أن مفهوم ثقافة الأطفال يعني أسلوب الحياة السائدة في مجتمع الأطفال وهو أسلوب يتميز بالديناميكية ، والنمو والتطور ، وتعتبر تعبيرات الأطفال الفنية من أهم عناصر ثقافة الطفل . تعبيرات الأطفال الفنية في الرسم : كانت البداية لهذا المفهوم المستحدث " تعبيرات الأطفال الفنية " والمسمى عند معظم المهتمين بالتربية الفنية " Child Art " قد ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر بعد الاهتمام المتزايد الذي دعا إليه " ستانلي هول "S.Hall " نتيجة الجهود المركزة لفكر كل من " جان جاك روسو" J.J. Russeau" و" هريت سبنسر" H.Spencer " و" بستالوزي Pastalozzi " و" فروبل Forebel " حول ضرورة دراسة هذا الكائن الإنساني المسمى ( بالطفل ) على انه كائن يمثل وحدة كلية قائمة بذاتها في كافة مناشط ومراحل نموه ، ولا ينظر إليه كصورة مصغرة من الكائن الراشد . وكان يقصد بتعبير الطفل أو " فن الطفل " تلك الخطوط المصبغة للسطوح كالأوراق والجدران حتى أن التسمية كانت آن ذاك " رسوم الأطفال " من منطلق أن ما ينتجه الطفل من خطوط هو في الأساس تعبيرات حركية خطية ، فقد كان التعريف الشائع المقصود برسوم الأطفال هو ذلك التخطيط الحر العفوي الذي يعبرون به على أي سطح كان منذ بداية عهدهم بمسك الأدوات المختلفة من العام الأول إلى أن يصلوا إلى مرحلة البلوغ . والآن وبعد مرور قرن من الزمان على اكتشاف تعبيرات الطفل وإلقاء الضوء عليه ، لم تصبح ممارسة التعبيرات تخطيطات ما على السطوح بالرسم فقط بل تعددت الخامات ، وتنوعت المهارات ، واتسعت حلقات الممارسة في مجالات الفنون التشكيلية بين التي يطلق عليها فنون السطح الواحد ( المسطحات ) لتعاملها مع أبعاد الطول والعرض مثل الرسم ، والتعبير باللون ، وتلك التي يتعامل فيها مع المجسمات أي التي تحتوي على علاقة الطول بالعرض بالعمق لتعطي ( المجسمات ) مثل النحت ، والخزف ، والتشكيلات المجسمة الأخرى كالتراكيب الفنية والأشغال الفنية . من كل ذلك بات إنتاج الطفل منذ العقد الخامس من القرن العشرين تعبيراً متميزاً معترفاً به ، واستقر الرأي على التعريف به على أنه تلك التعبيرات التشكيلية التي ينتجها الطفل منذ حداثة العمر الزمني له عندما يبلغ العام الأول ، وتصبح لديه القدرة على الإمساك بالأدوات والقبض عليها لإحداث تأثيرات خطية بصرية على مختلف السطوح التي يلتقي بها ، ويستمر تعبير الطفل معه نامياً حتى سن الثانية عشر تقريباً أو ما يسمى بمرحلة الطفولة المتأخرة أو بداية مرحلة البلوغ . وهكذا فإن ( الرسوم ) أو تعبيرات الأطفال البصرية الفنية تعني إنتاجهم الشخصي الفردي أو الجماعي سواء كان في إطار تنظيم تعليمي كالمؤسسات المدرسية ، أو من خلال الممارسات الفطرية للطفل والتي يمارسها في أوقات ، وأماكن مختلفة ، وسطوح وبخامات متنوعة ودون تدخل من أحد في المدرسة أو المنزل أو الحضانة . وعلى ذلك وجب النظر لهذا الإنتاج الذي يطلق عليه مجازاً " فن " في ظل إطار طبيعة التكوين البنائي الكلي للطفل ، بل ومن المحظور أن ينظر لهذا الإنتاج بمفاهيم ومدركات وقيم التقييم عند الكبار فإن ذلك يفقده الكثير من خصوصياته المميزة والهامة كإنتاج لكائن بشري له معــارف ومهـــارات ، وجوانب وجــدانية محــددة ، والتي لهــــا مدلولاتها الاجتماعية والثقافية . مراحل النمو في التعبير الفني وخصائص تعبيرات الأطفال : تمر تعبيرات الأطفال التشكيلية وتحديداً في الرسوم بمراحل نمو مختلفة ، والنمو في ذاته يعتبر تزايداً مستمراً ، وليس معنى التزايد أنه يتم بلا نقصان ، فمعناه الحقيقي ظهور صفات في مراحل معينة بينما تختفي صفات أخرى ، والنمو عملية تغير تحدث للفرد نتيجة تفاعله مع البيئة ، وهي تغير كامل من جميع النواحي العقلية ، والوجدانية والجسمية ، والطفل حينما تتاح له أول فرصة استخدام الفلم على الورق يسجل تطوره في هذه الآثار التي تدل على النمو وتثبيت هذا التطور . وتنقسم مراحل النمو في التعبير الفني بالرسوم إلى ثلاث مراحل رئيسة : مرحلة التخطيط / مرحلة التعبيرات الرمزية / مرحلة التعبيرات الإصلاحية . و يقع تحت كل ظاهرة من هذه المراحل الثلاث تفصيلات وخصائص ومواصفات . مرحلة التخطيط : تعني مرحلة التخطيط باكورة المراحل التي تمر بها تعبيرات الأطفال الفنية في السن المبكرة ، وهي تبدءا من سن تسعة أشهر أو سنه أو سنة ونصف أو سنتين حسب الظروف ، وقد تستمر حتى سن الرابعة أو الخامسة ، أو ما قبل المدرسة العامة حسبما يتاح للطفل من تشجيع أو توجيه من المحيطين بالطفل بالبيئة ، وتنقسم هذه المرحلة إلى التخطيط العشوائي أو غير مقصود والتخطيط المقصود أو المتحكم فيه ، وهو يتم نتيجة إحكام القبض على القلم أو وسيلة التعبير ، وله عدة أشكال منها : التخطيط ألبندولي ، والتخطيط الدائري ، والتخطيط المتراكم .
المرحلة الرمزية : بعد أن يكون الطفل قد مر بهذه التخطيطات وكون قاموساً شكلياً من أنواع الرموز الشكلية التي تثير الشبه لارتباطها بأشكال نتحسسها في الطبيعة ، يبدأ الطفل بالإدراك الرمزي ، ولهذه المرحلة عدة خصائص منها : 1. الرمزية : تحمل كلمة الرمزية معنى خاصاً في رسوم الأطفال فهي ترسيب لفكرة أو شكل ملخص مستبعد منه معظم التفاصيل . 2. خط الأرض : وهو خط يوازي صفحة الورق ، يرسمه الطفل معبراً عن الأرض أو يصنع كل شيء فوقه ، وهو رمز للصلة بين العناصر والارتكاز على الأرض . 3. التسطيح : هي ظاهرة يفرد فيها الطفل الجسم المراد التعبير عنه ، ويرسم أسطحه منفردة كما لو كان يتصورها من عدة اتجاهات في وقت واحد 4. تخير الأوضاع المثلى : يحاول الطفل أن ينتقي الوضع الأمثل لتصور الأشــياء ويرسم لكل جسم وضعة الأمثل المميز . 5. التكبير : ويلجأ الطفل إليه لإبراز اهتمامه الخاص بالأجسام بتكبير الشكل . 6. التصغير : وهو اتجاه عكسي للتكبير ، يميل فيه الطفل إلى أن يصغر في بعض التفاصيل لأسباب نفسية ترجع للطفل . 7. الحذف : ويتجه الطفل إلى حذف الأشياء التي لا تؤدي وظيفة بالنسبة له . 8. التبسيط : وفيه يحاول الطفل أن يستخدم أقل خطوط ممكنة للدلالة على الأجسام . 9. الشفافية : وهي ظاهرة تبين اهتمام الطفل بإيضاح ما يعرفه أكثر مما يراه في الأجسام التي تقع حسه وبصره . 10. الآلية : وتعني حب الطفل تكرار العناصر التي يكتشف أنه أصبح قادراً على رسمها ومنها آلية لحظية و آلية مستمرة. المرحلة الاصطلاحية : و فيها يحاول الأطفال أن يكسبوا أصول الرسم وقواعده التي تمكنهم من عمل رسوم واقعية أو اصطلاحية ، وفي هذه الفترة ينتقل التلميذ من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة ، حيث يتغير فكره من الاهتمام بما يعرف إلى الاهتمام تدريجياًُ بما يرى .
المبحث الرابع ( أثر التغيرات والأحداث الراهنة على رسوم الأطفال ) :
بما أن العصر الذي نعيشه هو عصر الثورة العلمية المعرفية والتكنولوجية ، وعصر العولمة والكوكبة ، وعصر تغير الأهمية النسبية لقوى الإنتاج ، وعصر الانفتاح الإعلامي والثقافي ، الذي تطور فيه مفهوم التنمية البشرية ، وهو عصر تكثر به المشكلات البيئية والصحية ، وبعض القضايا الأمنية ومنها العنف والإرهاب ، فهل نتوقع أمام هذه التغيرات والأحداث أن يظل طفلنا بثقافته وفكره وأدبه على ما كان عليه منذ عدة أجيال . إن رواســـــب هذه التغيرات والأحداث الراهنة قد ظهرت فعلاً في تعبيرات الأطفال في الرسوم وتحديداًً في موضوع المسابقة ( عالم بلا سلاح ) فقد ظهرت نتائج المسابقة مؤكدة على تأثر رسوم الأطفال بالمتغيرات والأحداث الراهنة ، فكان واضحاً أثر كلاً من ( الثورة المعرفية ، والعولمة ، والانفتاح الثقافي والحضاري ، وبعض مشكلات البيئة ، والعنف والإرهاب ) ، كما كانت معظم الرسوم تعكس خصائص فن الطفل وألوانه ، أما الرسوم الخاصة بموضوع العنف الإرهاب فقد أظهرت ما يلي : 1. أكثر الرسوم كانت أقرب إلى الواقعية في التعبير الفني . 2. أكثر الرسوم كانت مليئة بالرموز المشيرة إلى الشر . 3. أكثر الرسوم ساد فيها الألوان الحارة والمسودة والداكنة . 4. أكثر الرسوم لم تُظهر فروق كبيرة بين البنين والبنات . 5. مجمل الرسوم كانت تحمل رسائل متنوعة بلغة الطفل وفقاً لثقافته . 6. مجمل الرسوم وضحت تأثر الأطفال بالبيئة الخاصة بهم . 7. مجمل الرسوم وضحت تأثر الأطفال بالتغيرات والأحداث الراهنة . 8. مجمل الرسوم أكدت على الســــــــــــلام ورفض العنف والإرهاب . وهنا لابد أن نتساءل : * كيف يمكن أن تُوظف هذه التغيرات والأحداث الراهنة لمصلحة الطفل ؟ * كيف يمكن أن يتغلب الطفل على تحديات القرن الواحد والعشرون ؟ * كيف يمكن أن تستمر أصالة التعبير الفني للأطفال وفي الوقت نفسه لا ينعزل الطفل عن العالم المتقدم بجميع إمكانياته ؟ * كيف نمتلك وسائل التغيير ، وما هي آلياتها ، وكيف نستخدمها لمصلحة أطفال اليوم ؟ * كيف يمكن أن ننمي الخيال العلمي لطفل اليوم ونرقيه فكرياً، ونصقل مواهبه في الاستنتاج وحل المشكلات والابتكار ؟ * كيف يمكن أن تنجح رسوم الأطفال في تقديم رسائل رمزية للمجتمع لنبذ العنف والإرهاب ؟ * كيف يمكن أن نُفعل الإجابة على التساؤلات السابقة بطريقة علمية وتطبيقية وميدانية ، بحيث يمكن لكل التربويين تناولها والعمل بها ؟ . هذه هي القضية التي تتطلب التفـكير وإعـادة النظر فيها ، وإجراء الدراسات والبـحوث لتهيئـــــــــــــة هـذا الطفل بفكره وثقافته وأدبه ليعيـش عالم اليوم ، بآماله الفــــسيحة ، ومعرفته الذاخرة ، ومتغيراته المتعددة ، وأحــــداثه الراهنة ، دون أن يبتعد عن أخلاقه الإسلامية ، وأعرافه العربية ، وطابعه الإنســـــــاني ، مثبتاً ذاته ، فعالاً في يومه وغده محققاً قوله تعالى " كنتم خيرَ أمةٍ أخرجت للناس ـ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران آية 110 .
توصيات ومقترحات
1. تنمية الاتجاهات الإيجابية لتحقيق السلام والتفاهم العالمي من خلال فنون الطفولة . 2. الاهتمام بثقافة الطفل بشكل عام ، والحرص على تنوع مصادرها . 3. العمل على إثراء ثقافة الطفل الفنية ، ومساعدته على دخول عالم المعرفة والتكنولوجيا بطرق ســـليمة . 4. ضرورة إنشــــــــــــــاء نوادي للأطفال لممارســــــــــة الفنون بكل تخصصاتها ، تحت إشــــــــــراف متخصصين في كل المجالات خارج أسوار المدرسة . 5. الاهتمام بحوار الطفل لتوضيح منظومة القيم المتعارضة في عصر العولمة . 6. الاعتراف على مستوى التنظير والتطبيق بأن الطفل مواطناً عالمياً، وله حقوق كثيرة في كل مجتمعات العالم. 7. مساعدة الطفل لكي يتحدث عن نفسه . 8. تحديد مستوى ثقافة الطفل بين ثقافة التلقين وثقافة التفكير . 9. تقديم صور وآليات التذوق الثقافي للطفل . 10. تشجيع الإنتاج الفني للطفل في جميع المجالات بشتى الوسائل والأساليب . 11. تبسيط المفاهيم التي تتردد دائماً في وسائل الإعلام للطفل في ظل المتغيرات الحالية ، مثل ( مفهوم الوفاق ، وفهم الآخر وثقافته والسلام العالمي ) وغيرها .. والحرص على ترسيبها سلوكياً لدى الأطفال . 12. الاهتمام بتقويم تعبيرات الأطفال بطرق علمية وموضوعية ، وبناء معاير ومقاييس جديدة لقياس الدلالات النفسية له | |
|