موضوع: نظرات فى غزوة تبوك 3 الأربعاء يوليو 22, 2009 5:15 am
لازالت الأحداث المثيرة تتوالى في <تبوك> يقول [ابن مسعود] -رضى الله عنه-: "ونِمْنًا تلك الليلة وانتبهت وسط الليل ، فالتفت إلى فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أجده ، إلى فراش أبي بكر فلم أجده ، إلى فراش عمر فلم أجده ، و إذ بنار وسط الليل تضيء آخر المعسكر ، فذهبت أتبعها ؛ فإذا برسول -الله صلى الله عليه وسلم- قد حفر قبرًا و معه أبو بكر وعمر. و عند رسول- الله صلى الله عليه وسلم- سراج بيده قد نزل إلى القبر قال : قلت يا رسول الله من الميت ؟ قال هذا أخوك [عبد الله ذو البجادين]. "من هو ؟ إنه أحد الصحابة حلت به سكرات الموت بالليل ، فقام- صلى الله عليه وسلم- و شهد موته و ودعه و دعا له و حفر قبره بيده الشريفة و أيقظ أبا بكر و عمر. يقول ابن مسعود :" فو الذي لا إله إلا هو- ما نسيت قوله - صلى الله عليه وسلم - و هو في القبر ، و قد مد ذراعيه لذي البجادين ، و هو يقول لأبي بكر و عمر:" أدنيا إليَ أخاكما فدلياه في القبر و دموعه -صلى الله عليه وسلم- تتساقط على الكفن. ثم وقف -صلى الله عليه وسلم- لما وضعه في القبر رافعا يديْه مستقبلا القبلة يقول: اللهم إني أمسيت عنه راضيًا فارض عنه ، اللهم إني أمسيت عنه راضيًا ، فارض عنه. يقول ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة ، لأنال دعاءه -صلى الله عليه وسلم-". من هو [ذو البجادين] ؟ إنه صحابي جليل ، أسلم و كان تاجرًا ، فأخذ أهله و قومه ماله كله ؛ لأنه آمن وهم يريدون له الكفر ، أخذوا حتى لباسه ، فذهب فما وجد لباسًا غير شملة قطعها إزارًا و رداء - بجادين-، و فر بدينه يريد الله و الدار الآخرة . قدم على المصطفى-صلى الله عليه وسلم- ذو البجادين- ، وأُخبِرَ صلى الله عليه وسلم بخبره ،" فقال: تركت مالك لله ورسوله ، أبدلك الله ببجاديْك إزارًا ورداء في الجنة ، أنت ذو البجادين". فلُقِّب من تلك اللحظة بذي البجادين ، و كان مصرعه في <تبوك> ، و مضى الركب وخلفوه هناك ، لكنهم يجتمعون معه في جنة عرضها السماوات و الأرض. ( يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ) و يقيم -صلى الله عليه وسلم- بـ<تبوك> و يدنو من الروم و يفزعهم ، و يكاتب رسلهم ، و يفرض عليهم الجزية ، و هم صاغرون ، و لم يلق كيدًا منهم ، لأن الله قد نصره بالرعب مسيرة شهر ، فلم يقرب إليه الروم خوفًا و فزعًا ، وقد كانوا قبل قد عزموا على غزوه في عقر داره. ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) و يرسل -صلى الله عليه وسلم- [خالدًا] على رأس أربعمائة مجاهد في سبيل الله إلى [أُكيْدِر] ملك <دومة الجندل> ، و يخبر -صلى الله عليه وسلم- خالدًا أنه سيلقاه يصيد بقر الوحش ، خرج خالد ، ولما بلغ قريبًا من حصنه ، وجده قد خرج للصيد ، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتلقته خيل الله بقيادة خالد ، فاستأسرته ، واستلب خالد منه قباء مخوصًا بالذهب -قميصًا مخوصًا بالذهب- ، و بعث به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل قدومه عليه ، فجعل المسلمون يتعجبون من هذا القباء ، فقال -صلى الله عليه و سلم- مُزهِّدًا لهم في زخرف الدنيا : "أتعجبون من هذا ؟ لَمناديل [سعد بن معاذ] في الجنة خير من هذا". قدم خالد بـ[الأكيدر] ، و حقن دمه -صلى الله عليه وسلم- و ضرب عليه الجزية ، ولكنه مجرم ، ولو علم الله فيه خيرا لأسمعه ، نقض العهد في عهد أبي بكر ، فقتله خالد-رضي الله عنه وأرضاه- . وهكذا نصر الله جنده وأولياءه ورسله وعباده في الحياة الدنيا ، وينصرهم يوم يقوم الأشهاد. عباد الله: ويعود -صلى الله عليه وسلم- إلى <المدينة> ، بعد إرهاب أعداء الله من نصارى و يهود و مشركين ، يعود في يوم بهيج ، لتستقبله <المدينة> ، لتستقبل نور بصرها -صلى الله عليه وسلم- يخرج الأطفال في فرح ، ليصطفُّوا إلى مداخل المدينة ، و على أفواه الطرقات ، ليستقبلوا رسول البرية -صلى الله عليه وسلم- أصواتهم -كما حقق [ابن القيم] عليه رحمة الله- : طلعَ البدرُ علينَا *** مِن ثنيَّات الوداعْ وجَب الشكر علينَا *** ما دَعا لله دَاعْ أيها المبعُوث فينَا *** جئتَ بالأمرِ المُطاعْ جئتَ شرَّفت المدينةْ *** مرحبًا يا خيرَ داعْ و هنا قال- صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ <بالمدينة> رجالا، ما سرتم مسيرًا ، و لا قطعتم واديًا ، و لا وَطَئِتُم موطئًا يغيظ الكفار ، إلا كانوا معكم ، حبسهم العذر. قالوا : يا رسول الله و هم بالمدينة ؟ قال: نعم ، و هم بالمدينة" ، و يتبسم -صلى الله عليه وسلم- و يمسح الرؤوس ، ويقبل ويدعو. وهكذا انتصر المسلمون في <تبوك> على شهواتهم وأنفسهم ، وبالتالي انتصروا على أعدائهم. ( وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) هذه غزوة <تبوك> قائدها محمد -صلى الله عليه وسلم- ، جنودها صحابته -رضوان الله عليهم-، عز فيها المؤمنون ، و سقط المنافقون ، و ذل الكافرون و انهزموا ، و بالجهاد في سبيل الله ، لإعلاء كلمة الله يُنصَر المؤمنون ، و المؤمنون على عناية ربهم يتوكلون، لا خوف يُرهبهم ، و لا هم في الحوادث يحزنون. اللهم أنت الناصر لدينك ، و المعز لأوليائك ؛ افتح لنا فتحًا مبينًا ، انصرنا نصرًا عزيزًا ، و اجعل لنا من لدنك سلطانًا نصيرًا ، اللهم ثبِّت أقدامنا ، وزلزل أعداءنا ، اللهم أدخل الرعب في قلوبهم ، واستأصل شأفتهم ، و اقطع دابرهم ، وأَبِدْ خضراءهم ، و اجعل تدبيرهم تدميرهم ، و أورثنا أرضهم ، و ديارهم و أموالهم ، و كن لنا وليًا ، و بنا حفيًّا. يا من نصرت بماض ضعف أمتنا على الطواغيت عجل نصرنا الثاني . أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله العظيم فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم.
Why not
نقاط : 1824 تاريخ التسجيل : 08/06/2009
موضوع: رد: نظرات فى غزوة تبوك 3 الإثنين أغسطس 31, 2009 8:10 pm